هواجس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
هواجس

منبر الشعر الشعبي العراقي ومايدور في فضاءه من ثقافة وفنون شعبية تسعى لبناء الفكر وتؤسس لابداع عراقي وطني ملتزم
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاعلامي عدي المختار

الاعلامي عدي المختار


المساهمات : 105
تاريخ التسجيل : 03/11/2007
الموقع : هواجس

حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية Empty
مُساهمةموضوع: حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية   حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية Icon_minitimeالخميس فبراير 07, 2008 12:02 am

حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية




حامد كعيد الجبوري
مبكراً غادر سور مدينة الشاعر الحلي الكبير موفق محمد ليعد رمزاً ثقافياً مع رموزنا الثقافية ، ومن خلال ما نشر له بالصحف العراقية والعربية والمرابد المتوالية عد كشاعر يشار اليه ، منتصف التسعينيات من القرن الماضي وتحديداً بعد قصيدته (عبد يئيل) والتي تناولتها اكثر من اذاعة عالمية (مونتكارلو ، صوت اميركا) بدأت نصوصه تترجم للغات عالمية حية (مليون للعاهر إذ ترفع عن اليته (كلك) الايام الوسخة.






لا تفارق البسمة شفتي هذا الرجل ، وكثيراً ما يتندر بحديثه ويتفكه ، قال مازحاً منتصف الستينيات انه سيقاضي كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم لانها ذكرت والدته باحدى اغانيها (ونه بداري وخبي) ، أمه رحمها الله اسمها (بداري) ، من بواكير كتاباته الشعبية سأورد اكثر من مقطع من قصيدة (كام اعله حيله) متغزلاً بها لنلاحظ كيف كانت حياة هذا الشاعر الكبير والتي ملئت املاً وحباً كبيراً تنبض به كل عروقه واحساسه .

كام اعلى حيله الكَلب
من فتح باب الهوه
والكمر حدر النهد
ينهث عليه الضوه
ويلفنه قوس القزح
داير مداير سوه
لتسولف اعلى الورد
كل الورد بيدي
ولتبطلين اللعب
برويحتي زيدي
هيجي اغاني الضوه
اتشك المسم اتفوت
وبسكوت شرب العسل
اشكد طيب البسكويت
ولوز الشفايف غنه
وعاللوز روحي تموت
يحجيلي كل النهد
وانه اسمع ابايدي
ولتبطلين اللعب
برويحتي زيدي
***
هكذا نص يحمل هذه الأنزياحات والشفافية والأمل والغزل الذي ينم عن روح متوقدة ترنو لحياة تمتلئ فرحاً وحباً واستشراقاً لمستقبل يحلم به كما يحلم العقلاء ، ولو استمرت حياة موفق محمد بشكل طبيعي لأغنى الساحة الشعرية الشعبية العراقية بنصوص تشيع للحب والألفة كما فعل الرحابنه اللبنانيون ، فصروف الدهر وشظف العيش وفقدان الاحبة واحداً تلو الاخر ، اخوه الاوسط مبكراً رحل وهو بريعان الشباب ، (علي) ذلك الجميل الذي لا تزال حدائق الحلة وورودها تبكي حسنه وحيويته وثوريته ، وخروج أخيه الأزغر (رياض) هرباً من السلطة الدكتاتورية ليجوب منافي العالم لحمله افكاراً يسارية ، كل هذه الخسارات متوالية لموفق محمد ، حملها برجوله نادرة ، يبتسم للآخرين ويمازحهم ، يشاركهم بكل شيء ، لم يقصر باداء مهمته كمدرس ناجح للغة العربية ، وما لم يكن بالحسبان ان يفقد فلذة كبده ولده البكر (عدي) الطالب الجامعي أبان الانتفاضة العراقية الوطنية النبيلة عام 1991 والتي اسقطت النظام البائد لولا انتشاله لامرار مخططاتهم التي نشهدها ونعيشها الآن ، كانت الكارثة التي قصمت ظهر البعير ، اضافة لملاحقاته غير المنقطعة وتهميشه المتعمد من قبل النظام السابق ورموزه غير الثقافية ، كل ذلك جعلت من موفق محمد الشاعر الباسم المحب البهيج لمشروع مأساوي ولكتلة من الحزن والألم والضياع ، كيف لا وهو يرى الناس يعودون بزوجته (أم عدي) ماسكينها لانها تحاول الانتحار وشط الحلة عنها على مرمى حجر ، فتوثبت روحه لكتب للناس واليه احزن القصائد واشجاها ، مشت عند فاقدي اولادهم واحبتهم سير النار بالهشيم
ميت آنه ولا خط يجي عن موتك
سوده وحشتك يولدي حرموك من تابوتك مشكوله ذمته الفرفحك لا تبري ذمته مروتك
ما ناح طير اعلى الشجر الا اعلى نغمة صوتك
ويتنامى الحزن لدى موفق محمد ولا يبدو انه سيفيق من هول وعظمة النكبة ففي قصيدة (الك بيه نياشين) تجده جلداً صبوراً تحت سكاكين الجلادين والقتلة (الك بيه نياشين / كَلب ومعلك ابعجلة سجاجين / اسكرت منه البلابل عافت التين / وناحت والشجر بجاي من فركاك) ، ثم تتصاعد نبرة الحزن لتصل حد الدموع ، بنفس قصيدته (الك بيه نياشين) فيقول (مو يبني يبس دمي / وتهت امشي غريب ابليل السجاجين / ومطلوبه يروحي الخيل تردس بيج / وليمته الفرج مو سردانه الضيج / طويله اليوم نفخ الصور / وشيلكون / فرغت من اهلها اكبور / بروحي لشجر التنور / وبالمحراث خل يقره الجمر يبني / الخبز اسود / العمر اسود / الضوه اسود / وفحمه الروح) ، وتتحول دموعه لاكثر من ذلك ، فتحس نشيجه عالياً بقصيدته (صدك يالطولك حمام) لتجد كل عذاباته وخساراته وبرمه واستخفافه بكل شيء فيقول (لك انه معلم على الدنيه وخنكها / وسجه روحي ويا قطار الماسحكها / امجلجل العاكول بيها ولا وصل ماي العركها) ، بعد ثورته هذه لابد أن يكفكف دموعه فيكفكفها بدموع جديدة اكثر تدفقاً وحزناً فيقول وبنفس قصيدته (صدك يالطولك حمام) ، (ورد اشيمك ردلي روحي مفرفحة من غيبتك / ويا حمام البيت راعي البيت يتنه امروتك / ابروحك احلف وانت كدهه / ويلحمامه ارويحتك / ترف على كَليبي كبل موتي وانه كَليبي ملام / صدك يالطولك حمام) ، ويستمر موفق محمد هكذا فبعد مضي عشر سنوات على استشهاد ولده وهو بذلك الحزن الذي يجدده كل يوم حتى ليخال لك انه قد تعايش مع هذا الحزن الأليف واصبح احدهما رفيقاً للآخر وهو يرى اقران ولده تخرجوا من كلياتهم وتعينوا ولربما تزوجوا ، وها هو موفق محمد يفتش عن عروس لولده ففي قصيدته (شط الحلة) يقول (بلجي بنيه اعله عرفك واطلب وتلكاني قابل / صار عشر سنين مجمور الكَلب جمر المناقل) ولابد لموفق محمد ان يخبر ولده الشهيد عن عروسه وجمالها وخصالها فيقول (يا حلاة اغناوي عشاك الشواطي / اتون على الصوبين واتطير الهلاهل / اشكد الك عندي رسايل / ابراض امشي افتحلي كَلبك / وخل اسيس بيك حداري / واسولفلك على الحلوات / يتمرن على الموجات / مشطن فدوه يمهيلات) ، وسرعان ما يعود لسكرته مؤملاً نفسه بعودة غائبه ، فكلما راجع دوائر الأمن المقبور عاد خائباً خالي اليدين من كل شيء حتى من ورقة شهادة الوفاة فيقول (ولا رد خبر لهله المات / ولا كال اشجره واشصار / مقفوله قفل متفكها كل اسرار / متروسة ذهب للروس / يمته اتفك الي المحبوس / واتخبل / واجيت بيك من جسر العتيك / ازروكه وانبك غاد فوك شريعة الجاموس) ، ويبقى معللاً نفسه لربما ولربما وسرعان ما يثوب لرشده ويعترف بالحقيقة القاتلة (ريض لا تعوف الحلة يالجاري / يمته تصير خطاري / واغنيله بحزن معدان / واغط وارخه العصابه / وجر من الكَلب شريان وخل ادك الربابه / ولك يابه / ولك يابه/ زهران الكَلب بالماي ومنهو ذب زهر جتال / وارد العن ابو الجابه) ، بعد سقوط الصنم ونظامه لمزبلة التاريخ تنفس موفق محمد الصعداء ووجد نفسه كملايين العراقيين الذين فقدوا احبتهم وبدأت كتاباته تنفتح مع الحياة الجديدة محاولاً خلع ثياب حزنه ودموعه ، لكنه يرتطم بما آل اليه العراق من تفكك وفقدان أمان وارهاب وبدأت معه سلسلة جديدة من فقدان الاحبة والاصدقاء بيد الارهاب الاعمى كافراً بالقيم البالية ساخراً من التاريخ المزيف حد النخاع (ارد اشتري احصان واركب كالبعيره مطي / وانهك نهيك اللذي مزكوط غفله ابمطي) ، سألته مرة لماذا تضمن قصائدك الفصحى بأبيات شعبية ؟ فقال حينما تستعصي عليَّ اللغة - وهي غير عصيه عليه - الجأ إلى اللهجة المحببة للناس وهي اللهجة الشعبية ، حينما نقرأ نصه الاخير (يا مطر زخنه محنه) نجد نبرات الحزن بدأت قليلاً قليلاً تغادره ، واجد ان النص جدير بالدراسة لوحده لأنه عمل كبير بمضامينه الجميلة وبنائه الشعري الرصين ، يشيع لغة التسامح وحب الاخرين ، فالمطر يحيي الأرض والقلوب على حد سواء ، ورغم ما فيها من دموع وحزن غير قديم (يا مطر لفني ابعباتك / وبلل اترابي تره ترابي عطش جم كيظ شايل) ، ويعود مرة أخرى ساخراً بمرارة كعادته مرمزاً للأيادي التي تسرق قوت الشعب متخفية خلف الكراسي السوداء الجوفاء (ومزنه من كاسك يبو النواس تضوي الليل كله / ومزنه فله / اتسكر الواويه كلهم وكلمن ايبوك اعلى رسله) ، من قلب معاناته وآلامه يرنو بعينيين واثقتين لمستقبل لابد صائر اليه البلد الجريح (يا مطر غني الهوه ابظهرك وغني / ودكلي اصبعتين / رد النه فرحنه الشال عني / واسمع البوسات ريانه الشفايف) . لموفق محمد أثر واضح وعلامات مميزة بقصائده الشعبية فهو يخلط الجد بالهزل والحقيقة بالاسطورة ، ليخلق بقصيدته روحاً متفائلة لمتلقيها فتبسم لها مرة وتبكي لها مرات ، موفق محمد يقتل السواد بناصع البياض ، ويمسح الدموع بالفرح والانعتاق ، موفق محمد كتب نصوصه بجرأة متناهية ايام المحنة السوداء وايام التفكك والضياع والفلتان فالتف حوله اصدقائه ومحبوه وابناء مدينته لأنه نخلة باسقة من نخيل الحلة الفيحاء العراقية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hegs.ahlamontada.com
 
حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
هواجس :: الدراسات النقدية-
انتقل الى: